فصل: ومن باب الأمر والنهي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معالم السنن



.كتاب الملاحم:

.ومن باب في قتال الترك:

قال أبو داود: حدثنا قتيبة وابن السرح وغيرهما قالوا حدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب، عَن أبي هريرة رواية، وقال ابن السرح عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قومًا نعالهم الشعر، ولا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قومًا صغار العيون ذُلْف الأنُف كأن وجوههم المَجَان المطرَّقة».
قال الشيخ: قوله ذلف يقال أنف أذلف إذا كان فيه غلظ وانبطاح وأنوف ذلف.
والمجان جمع المجن وهو الترس، والمطرقة التي قد عوليت بطراق وهو الجلد الذي يغشاه. وشبه وجوههم في عرضها ونتوء وجناتها بالترسة قد ألبست الأطرقة.
قال أبو داود: حدثنا جعفر بن مسافر حدثنا خلاد بن يحيى حدثنا بشير بن المهاجر حدثنا عبد الله بن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث قتال الترك قال: «تسوقونهم ثلاث مرات ويُصطلمون في الثالثة».
قال الشيخ: الاصطلام الاستئصال وأصله من الصلم وهو القطع.

.ومن باب في ذكر البصرة:

قال أبو داود: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثني أبي حدثنا سعيد بن جُمهان حدثنا مسلم بن أبي بكرة قال: سمعت أبي يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ينزل أناس من أمتي بغائط يسمونه البصرة عند نهر يقال له دجلة يكون عليه جسر يكثر أهلها ويكون من أمصار المهاجرين فإذا كان في آخر الزمان جاء بنو قنطوراء حتى ينزلوا على شط النهر»، وذكر الحديث.
قال الشيخ: الغائط البطن المطمئن من الأرض، والبصرة الحجارة الرخوة وبها سميت البصرة وبنو قنطوراء هم الترك، يقال إن قنطوراء اسم جارية كانت لإبراهيم صلوات الله عليه ولدت له أولادًا جاء من نسلهم الترك.

.ومن باب ذكر الحبشة:

قال أبو داود: حدثنا القاسم بن أحمد حدثنا أبو عامر عن زهير بن محمد عن موسى بن جبير، عَن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اتركوا الحبشة ما تركوكم فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلاّ ذو السويقتين من الحبشة».
قال الشيخ: ذو السويقتين هما تصغير الساق والساق مؤنث فلذلك ادخل في تصغيرها التاء وعامة الحبشة في سوقهم دقة وحموشة.

.ومن باب ذكر الدجال:

قال أبو داود: حدثنا حيْوة بن شريح حدثنا بقية حدثني بَحير هو بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن عمرو بن الأسود عن جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت أنه حدثهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إني قد حدثتكم عن الدجال حتى خشيت أن لا تعقلوا. إن المسيح الدجال قصير أفحج جعد أعور مطموس العين ليست بناتئة ولا جحراء».
قال الشيخ: الأفحج الذي إذا مشى باعد بين رجليه. والجحراء الذي قد انخسفت فبقى مكانها غائرًا كالجحر. يقول إن عينه سادة لمكانها مطموسة أي ممسوحة ليست بناتئة ولا منخسفة.
قال أبو داود: حدثنا هدبة بن خالد حدثنا همام بن يحيى أظنه عن قتادة عن عبد الرحمن بن آدم، عَن أبي هريرة رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عيسى صلوات الله عليه ونزوله وقال إذا رأيتموه فاعرفوه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض بين ممصَّرتين كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل فيقاتل الناس على الإسلام فيدق الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية وتهلك في زمانه الملل كلها إلاّ الإسلام.
قال الشيخ: الممصر من الثياب الملون بالصفرة وليست صفرته بالمشبعة»
.
وقوله: «ويقتل الخنزير» فيه دليل على وجوب قتل الخنازير وبيان أن أعيانها نجسة وذلك أن عيسى صلوات الله عليه إنما يقتل الخنزير في حكم شريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لأن نزوله إنما يكون في آخر الزمان وشريعة الإسلام باقية.
وقوله: «ويضع الجزية» معناه أنه يضعها عن النصارى وأهل الكتاب ويحملهم على الإسلام ولا يقبل منهم غير دين الحق فذلك معنى وضعها والله أعلم.

.ومن باب في خبر الجساسة:

قال أبو داود: حدثنا حجاج بن أبي يعقوب حدثنا عبد الصمد حدثني أبي قال: سمعت حسين المعلم حدثنا عبد الله بن بريدة حدثنا عامر بن شراحيل الشعبي عن فاطمة بنت قيس قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر «إن تميمًا الداري حدثني أنه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلًا من لخم وجُذام قلعت بهم الموج شهرًا في البحر فأرفئوا إلى جزيرة حين تغرب الشمس فجلسوا في أقرب السفينة فدخلوا الجزيرة فلقيتهم دابة أهلَب كثيرة الشعر قالوا ويلكِ ما أنت قالت أنا الجساسة انطلقوا إلى هذا الرجل في هذا الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق» وساق الحديث.
قال الشيخ: قوله: «أرفئوا إلى جزيرة» معناه أنهم قربوا السفينة إليها يقال أرفأت السفينة إذا قربتها من الساحل وهذا مرفأ السفن، وأقرب السفينة يريد بها القوارب وهن سفن صغار تكون مع السفن البحرية كالجنائب لها تتخذ لحوائجهم واحدها قارب، وأما الأقرب فإنه جمع على غير قياس، والجساسة يقال إنها تجسس الأخبار للدجال وبه سميت جساسة، والأهلب الكثير الهلب والشعر.

.باب خبر ابن الصائد:

قال أبو داود: حدثنا أبو عاصم خُشيش بن أصرم حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ بابن صياد في نفر من أصحابه فيهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يلعب مع الغلمان عند أُطُم بني مَغالة وهو غلام فلم يشعر حتى ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهره بيده، ثم قال أتشهد أني رسول الله فنظر إليه ابن صياد فقال: أشهد أنك رسول الأميين، ثم قال ابن صياد للنبي صلى الله عليه وسلم أتشهد أني رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم آمنت بالله ورسله، ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم ما يأتيك قال يأتيني صادق وكاذب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم خُلط عليك الأمر، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني قد خبأت لك خبيئةً وخبأ له {يوم تأتي السماء بدخان مبين} [الدخان: 10] قال ابن صياد هو الدُّخ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اخس فلن تعدو قدرك، فقال عمر رضي الله عنه يا رسول الله ائذن لي فأضرب عنقه فقال صلى الله عليه وسلم: إن يكن فلن تسلط عليه، يَعني الدجال وإن لا يكن هو فلا خير في قتله».
قال الشيخ: الأُطم بناء من الحجارة مرفوع كالقصر وآطام المدينة حصونها والدخ الدخان، وقال الشاعر:
عند رواق البيت يغشى الدخا

وقد اختلف الناس في ابن صياد اختلافًا شديدًا وأشكل أمره حتى قيل فيه كل قول، وقد يسأل عن هذا فيقال كيف يقار رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا يدعي النبوة كاذبًا ويتركه بالمدينة يساكنه في داره ويجاوره فيها وما معنى ذلك وما وجه امتحانه إياه بما خبأه له من أنه الدخان. وقوله بعد ذلك اخس فلن تعدو قدرك.
والذي عندي أن هذه القصة إنما جرت معه أيام مهادنة رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود وحلفائهم وذلك أنه بعد مقدمه المدينة كتب بينه وبين اليهود كتابًا صالحهم فيه على أن لا يهاجوا وأن يتركوا على أمرهم، وكان ابن صياد منهم أو دخيلًا في جملتهم وكان يبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره وما يدعيه من الكهانة ويتعاطاه من الغيب فامتحنه بذلك ليزور به أمره ويخبر شأنه فلما كلمه علم أنه مبطل وأنه من جملة السحرة أو الكهنة أو ممن يأتيه رؤى من الجن أو يتعاهده شيطان فيلقي على لسانه بعض ما يتكلم به فلما سمع منه قول الدخ زبره فقال اخس فلن تعدو قدرك. يريد أن ذلك شيء اطلع عليه الشيطان فألقاه إليه وأجراه على لسانه وليس ذلك من قبل الوحي السماوي إذا لم يكن له قدر الأنبياء الذين علم الغيب ولا درجة الأولياء الذين يلهمون العلم فيصيبون بنور قلوبهم، وإنما كانت له تارات يصيب في بعضها ويخطئ في بعض، وذلك معنى قوله يأتيني صادق وكاذب فقال له عند ذلك قد خلط عليك، والجملة أنه كان فتنة قد امتحن الله به عباده المؤمنين ليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حيى على بينة، وقد امتحن قوم موسى عليه السلام في زمانه بالعجل فافتتن به قوم وهلكوا ونجا من هداه الله وعصمه منهم.
وقد اختلفت الروايات في أمره وما كان من شأنه بعد كبره فروي أنه قد تاب عن ذلك القول ثم أنه مات بالمدينة وأنهم لما أرادوا الصلاة عليه كشفوا عن وجهه حتى رآه الناس وقيل لهم اشهدوا.
وروي، عَن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال شتمت ابن صياد فقال ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يدخل الدجال مكة» وقد حججت معك وقال لا يولد له وقد ولد لي؛ وكان ابن عمر وجابر بن عبد الله رضي الله عنهما فيما روي عنهما يحلفان أن ابن صياد هو الدجال لا يشكان فيه، فقيل لجابر إنه أسلم فقال وإن أسلم، فقيل أنه دخل مكة وكان بالمدينة قال وإن دخل.
وقد روي عن جابر أنه قال فقدنا ابن صياد يوم الحرة.
قلت: وهذا خلاف رواية من روى أنه مات بالمدينة والله أعلم.

.ومن باب الأمر والنهي:

قال أبو داود: حدثنا محمد بن عبادة الواسطي حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا إسرائيل حدثنا محمد بن جحادة عن عطية العوفي، عَن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر أو أمير جائر».
قال الشيخ: إنما صار ذلك أفضل الجهاد لأن من جاهد العدو وكان مترددًا بين رجاء وخوف لا يدري هل يغلب أو يغلب وصاحب السلطان مقهور في يده فهو إذا قال الحق وأمره بالمعروف فقد تعرض للتلف وأهدف نفسه للهلاك فصار ذلك أفضل أنواع الجهاد من أجل غلبة الخوف والله أعلم.
قال أبو داود: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا يونس بن راشد عن علي بن بذيمة، عَن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر بني إسرائيل وتلا قوله: {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم} [المائدة: 78] إلى قوله: {فاسقون}، ثم قال: «كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يدي الظالم ولتأطرنه على الحق أطرًا».
قال الشيخ: قوله: «لتأطرنه» معناه لتردنه عن الجور، وأصل الأطر العطف أو الثني ومنه تأطر العصي وهو تثنيه، قال عمر بن أبي ربيعة:
خرجت تأطر في الثياب كأنها ** أيم تسيب علا كثيبًا أهيلا

قال أبو داود: حدثنا سليمان بن حرب وحفص بن عمر قالا: حَدَّثنا شعبة عن عمرو بن مرة، عَن أبي البختري أخبرني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم وقال سليمان أخبرني رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لن يهلك الناس حتى يَعذِروا أو يعذروا من أنفسهم».
قال الشيخ: فسره أبو عبيد في كتابه، وحكي، عَن أبي عبيدة أنه قال معنى يعذروا أي تكثر ذنوبهم وعيوبهم، قال وفيه لغتان، يقال أعذر الرجل إعذارًا إذا صار ذا عيب وفساد، قال وكان بعضهم يقول عذر يعذر بمعناه ولم يعرفه الأصمعي، قال أبو عبيد وقد يكون يعذروا بفتح الياء بمعنى يكون لمن بعدهم العذر في ذلك، والله أعلم.
هنا في نسخة الأحمدية:
آخر الكتاب والحمد لله وصلواته على سيدنا محمد النبي وآله وأصحابه، وسلام على عباد الله الصالحين ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم.
كتبه عفيف بن المبارك بن الحسين بن محمود الوراق رحمهم الله.
وهنا في النسخة الطرطوشية:
كتبه جميعه أبو بكر محمد بن الوليد ببغداد في المدرسية النظامية في شهر رمضان من سنة ثمان وسبعين وأربعمائة والله وليه وحافظه. اهـ.